ثلاثة وثلاثون عاماً مرت على وفاة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، ولا يزال صوته مسموعاً وأغانيه تتردد بين ألسنة الشباب.. و33 عاماً تعني أنه مر ما هو مثل مقدار العمر الفني لعبد الحليم مرة أخرى بإضافة ثماني سنوات، فحليم برقت شهرته في عام 1952 وتوفاه الله عام 1977، أي أن العمر الفني له 25 عاماً، وهو عمر فني قصير إذا ما قورن بأعمار فنية لفنانين آخرين سواء تركوا بصمة شديدة مثله أم لا.. ففي كلتا الحالتين هو صاحب البصمة الأقوى..
فكم من فنان تجاوز عمره الفني 33 عاماً ولم تخلد ذكراه مثله، وكم فنان مر عليه كل هذه السنوات ونجح مثله.
والجميل في خلود اسم عبد الحليم حافظ حتى الآن أن هناك جيلاً جديداً تماماً لم تتجاوز أعمارهم 30 عاماً أي ولدوا بعد وفاته يعتبرونه مطربهم الأول.. مهما ظهر على الساحة الفنية من نجوم.
لذلك قررنا أن نسأل أبناء هذا الجيل مما لم يتجاوزوا سن الثلاثين عاماً عن عشقهم للفنان عبد الحليم حافظ، ولماذا لا يزالون يستمعون إليه.. رغم عدم معاصرتهم له؟؟
وما أكثر أغانيه تأثيرا فيهم.. وهل الاستماع إلى عبد الحليم أفضل أم الاستماع لمن يعيدون أغانيه؟؟ وما السر وراء بقاء صوت حليم حتى اليوم رغم تغيّر الموضات الموسيقية.. وأنماط الغناء نفسه؟؟
ومَن مِن الجيل الحالي من المطربين يمكن أن نعتبره من السائرين على دربه؟؟
تلك الأسئلة توجهنا بها إلى عدد من الشباب والبنات مما هم أقل من ثلاثين عاماً، وكانت هذه هي إجاباتهم..
في البداية يقول أحمد مراد:
"الحقيقة أنا باسمع كل المطربين بس لما بابقى حابب أعيش في حالة شجن أو أحس بحب صادق أوي ما بلاقيش غير حليم يوصل لي الإحساس ده.. فيا سلام لما أسمعه وهو بيقول أنا لك على طول أو وهو بيقول قولي حاجة.. مش ممكن يكون في حد غنى بالإحساس العالي ده زيه، ولا أعتقد إن فيه حد ممكن يبقى زيه.. وعلشان كده أنا ما بحبش أسمع أغانيه من حد تاني، وإن كنت لن أخفي إعجابي بصوت عبده شريف وهاني شاكر عندما يغنون أغانيه! ولا أعتقد أنه يمكن أن يوجد من هو مثله في هذا الزمن وإلا ما احتاجوا إلى إعادة أغانيه".
بينما تقول إيناس حليم - مهندسة:
"عبد الحليم حافظ كان كتلة متحرّكة من الإحساس وصوته وإحساسه في الغناء لن يتكرر مرة أخرى من وجهة نظري.. وأعتقد أننا مش لازم نعاصره عشان نحبه ونتأثر بيه؛ لأنه بفنه الراقي عرف يكون خالد في قلوبنا لحد دلوقتي، وهيفضل خالد للأجيال الجاية كمان رغم كل حاجة ورغم كل الموضات التي ستظهر فصوت حليم ودفء مشاعره صالحة لكل زمان.. وأنا أعشق له كل أغانيه الرومانسية ولا أحب غناء أغانيه بأصوات مطربين آخرين؛ لأنهم غالبا لا يملكون نفس إحساسه".
"وأنا أعتقد إن السائرين على دربه الآن هم كل الأصوات التي تغني بإحساسها مثل هاني شاكر، أنغام، أصالة وغيرهم.. بس برضه ما فيش حد زيه".
ويقول وائل عبد العظيم صيدلي:
"أنا أتولدت وعشت طفولتي خارج مصر، وأنا والدي كان يعشق صوت حليم فقد كنت أستمع معه إلى أغانيه ومع تكرار سماعي لها ولغيابي عن مصر كنت كلما سمعت أغانيه الوطنية تحديدا كنت أثار منها جداً، فتعلمت الانتماء والوطنية منها والتي كلما أستمع لها ألهبت مشاعري، وأتمنى لو كنت أعيش تلك الأيام فأحارب مع من حارب وأقاتل مع من كان يقاتل.. لدرجة أنني باتخيل لو ما كنتش سمعت عبد الحليم وأنا صغيّر ما كنتش حبيت بلدي قد ما بحبها دلوقتي".
وتختتم بسمة بكري تلك الآراء بقولها:
"أنا لا زلت أستمع للعندليب، وسأستمر أستمع له؛ لأن إحساسه الصادق يصل إلى القلوب دون أي حواجز، وعبد الحليم لم يكن يغني ليطالب بأعلى أجر بل ليصل بإحساسه لنا، فلو كان يهدف التكسب من موهبته ما خلدت ذكراه حتى اليوم؛ فالفن لديه كان رسالة حقاً وكان يحيا من أجلها وهذا هو السر وراء بقائه.. ثم إن حليم كان يملك توليفة مشاعر لا يمكن أن تتأتى لأحد مرة أخرى، لذلك يعجز كل المطربين الذين يعيدون أغانيه عن الوصول لنفس مستوى أدائه في غنائهم لأغانيه، وأعتقد أن الذي يسير على دربه الآن ولا يقلده هو قيصر الغناء كاظم الساهر..".