«لا تطالبونى أن أعمل أكثر مما أقوم به، فأنا أعمل بأكثر من طاقتى الإنسانية، ودون أى رغبة فى الترشح لرئاسة الجمهورية»، بهذه الكلمات خاطب الدكتور محمدالبرادعى، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، المصريين فى لندن خلال لقائه بهم أمس الأول.
وقال البرادعى، فى اللقاء الذى حضره مئات المصريين المقيمين ببريطانيا وبعض الدول الأوربية، متجاهلين انطلاق مباريات كأس العالم، واحتشدوا بقاعة «يو سى إل» بوسط لندن، إنه لا يوجد قائد «مخـلص»، وإن التغيير لن يأتى إلا من الشعب.
وحول علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، نوّه المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن «الإخوان ذكروا صراحة وعلنيا أنهم مع الدولة المدنية، ويعارضون أى فكرة حزب دينى»، متسائلا: «إذا كان هذا هو الحال، كيف لا نشاركهم، وكيف نطلق عليهم أنهم جماعة محظورة».
وسيطرت حالة من الهرج والمرج وعدم التنسيق على اللقاء، الأمر الذى أدى إلى استياء الحضور والبرادعى، فيما أرجع منسقو اللقاء سبب هذه الفوضى إلى وجود «عناصر دخيلة من السفارة المصرية، ومن الحزب الوطنى كانوا يهدفون الى تخريب المؤتمر».
بدأت حالة الفوضى عند فتح باب الأسئلة، حيث فوجئ الحضور بأن الأسئلة سترسل مكتوبة إلى الدكتور صلاح أبوالفضل مدير اللقاء، مما دفع أحد الصحفيين المقيمين فى لندن، ويعمل لإحدى الوكالات الأجنبية هناك إلى سؤال أبوالفضل: «لماذا ترسل الأسئلة مكتوبة»، موضحا أنه يريد أن يسأل البرادعى سؤالا شفويا. فاتهمه مدير اللقاء بإثارة الشوشرة فى القاعة، وقال له: «احترم كل المصريين الموجودين». وأضاف موجها حديثه للقاعة: نحن دائما نتهم بالفوضى فى مصر، لكن هناك ناساً تعيش فى إنجلترا منذ وقت طويل لكنها مازالت لا تعرف كيف تحترم النظام».
وبعد ذلك أراد بعض الصحفيين توجيه الأسئلة إلى البرادعى، ولم يعطهم أبوالفضل الكلمة رغم طلبهم لها، كما لم يطرح أسئلتهم التى أرسلوها كتابة إلى البرادعى، على الرغم من إجابة الأخير على أى سؤال يطرح عليه، مما دفع الصحفيين إلى سؤال أبوالفضل عن سبب دعوتهم لحضور اللقاء إذا كانوا ممنوعين من السؤال. وعقب مدير اللقاء بأنه ليس فى مؤتمر صحفى، وأن الصحفيين ليست لهم ميزة على باقى الحضور، وأنهم جاءوا لتغطية الحدث وليس لتوجيه أسئلة، واصفا الصحفيين الحاضرين بـ«المخربين وعدم احترام النظام»،
الأمر الذى أغضب القاعة، خاصة الصحفيين، حيث شعر الحضور بأن أبوالفضل يتحكم فى نوعية الأسئلة التى تسأل ويعطى الكلمة لمعارفه وأصدقائه. وقال له أحد الصحفيين: نحن تعودنا فى هذا البلد لندن على طرح أسئلتنا على جميع الشخصيات. فكيف تمنع هذا الحق عنا. فنحن نحضر مجلس الوزراء البريطانى ولم يطلب منا أى شخص أن نصمت.
وتساءل أحد الحضور: هل يجب أن تكون لى واسطة كى أتمكن من طرح سؤالى. وقال آخر موجها حديثه للمنصة: إنه ليس من الحكمة بدء خلاف أمام وسائل الإعلام. وانزعج أحد الشباب قائلا: كيف يقول البرادعى إن التغيير سيكون على يد الشباب ولا يعطى دكتور صلاح الكلمة لأى شاب.
وتدخل البرادعى لمحاولة الحد من هذه الفوضى، قائلا: كنت أتمنى أن يكون الاجتماع أكثر عقلانية وأكثر احتراما. لابد أن نتعلم شيئين أساسيين، التفكير العقلانى والعمل الجماعى. فأنا أذهب إلى كل العالم، ولا أجد هذا الأسلوب أبدا فى التعامل.
جدير بالذكر أنه عند بدايات التنسيق لعقد هذا المؤتمر، لم يرغب دكتور البرادعى فى تغطية اللقاء من جانب وسائل الإعلام، لكن منسقى جمعية التغيير أصروا على حضور الإعلاميين كى تتم تغطية أنشطة الجمعية فى لندن أسوة بفروعها الأخرى.
بدأ اللقاء بدعوة القائمين على فرع الجمعية بلندن الحضور إلى الوقوف دقيقة، حدادا على روح خالد سعيد، ضحية تعذيب الإسكندرية، وأثناء هذه الدقيقة قال دكتور كمال الهلباوى:الله يرحمه ويغفر له وينتقم من الظلمة.
ثم ألقى دكتور صلاح أبوالفضل، منسق فرع الجمعية بلندن، كلمة اعتبرها الحاضرون طويلة جدا، ككلمة افتتاحية عادة ما تقتصر على التعريف بالمتحدث وترك الوقت له، وأكد فى الكلمة «أن هذا الطرح العبقرى الذى طرحه دكتور البرادعى والذى ينص على أن الدستور أولا ثم الانتخابات ثانيا، أربك قوى المعارضة، كما أربك قوى النظام».
بعد ذلك بدأ البرادعى فى إلقاء كلمته، التى أكد فيها أنه «منذ عام ١٩٥٢ على الأقل لم يمارس الشعب المصرى الديمقراطية، وأصبحنا يقال لنا ما يجب أن نفعله، وكيف وبأى طريق نسير»، مشيرا إلى «أننا سرنا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. كنا حلفاء للاتحاد السوفيتى ثم أصبحنا حلفاء للولايات المتحدة. كنا نعتمد على القطاع العام ورأسمالية الدولة ثم أصبحنا نقوم على الاقتصاد الحر. ولم يكن للشعب فى كل هذا خيار أو مناقشة».
وأضاف: أنا لا أشكك فى نوايا أو أشخاص. أعتقد أن كل شخص سواء داخل نظام الحكم أو خارجه يأمل أن تتقدم مصر. فأنا لا أشكك فى نوايا أحد. فالمسألة لا تتعلق بأشخاص إنما بسياسيات. فالسياسات الحالة سياسات فاشلة.
وتابع: أنا لست زعيما أو سياسيا محترفا، أنا مصرى مثلكم أود أن أشارك وأن أرى قبل نهاية حياتى مصر التى رأيتها عندما كنت شابا.
وشن البرادعى هجوما على انتخابات مجلس الشورى التى جرت قبل أيام، قائلا: «لا يعقل ألا ينجح أحد من المعارضة أو جماعة الإخوان المسلمين التى لديها ٨٨ مقعداً فى مجلس الشعب، ولا يعقل أن ينجح ست أفراد معارضة فقط من أصل ١٩٠٠ شخص دخلوا المجلس خلال ٥٠ سنة»، معتبرا أن «الحياة السياسية فى مصر غير شرعية، والحياة الشرعية غير قانونية ولا بديل عن الديمقراطية والانتخاب الحر، لذا أطلب من الجميع أن يشارك فى التغيير ولا أعفى أحدا».
وأضاف: لذلك أدعو الشعب المصرى على أن يوقع على بيان المطالبة بتعديل الدستور. وهذا هو أسهل المطالب. وقيمة التوقيعات معنوية كبيرة. فإذا حصلنا على ملايين التوقيعات، لا أعتقد أن أى نظام أيا كانت صفته يستطيع أن يقف أمام إرادة الشعب داخليا أو خارجيا.
لافتا إلى أن «النظام يستطيع أن يعتقل ١٠٠٠ شخص و٥ آلاف، لكنه لن يستطيع أن يعتقل الشعب كله».
وعن علاقته بالإخوان قال البرادعى: هناك خلافات سياسية بينى وبينهم. لكن هذا لا يمنعنى أن أدافع عن حقهم فى المشاركة السياسية لأنهم يملكون قطعة من أرض الوطن.
وأضاف: أنا أتعامل مع جميع طوائف الشعب من الحزب الشيوعى إلى الإخوان. كل شخص له الحق أن يشارك بعقلانية ويعرض أفكاره. والشعب فى النهاية يختار. فأنا أقف على المسافة نفسها من جميع الطوائف فى مصر.
وأعرب عن أمنيته أن يرى امرأة أو قبطيا رئيسا لمصر «مادام هذا هو اختيار الشعب».
وأكد أنه لن يشارك فى لعبة أو مسرحية سياسية، مشيرا إلى أن المشاركة فى حزب أو تكوين حزب يحتاج لخمس سنوات وتوافق الحكومة، و«هذا الأمر مسرحية لن أشارك فيها، لذا أطلب من الجميع العمل على التغيير والمشاركة وعدم الخوف»، مشددا على «أننا نريد تغييراً سلميا فقط، لكننا عبرنا حاجز الخوف المفروض علينا منذ ستة عقود، وأرفض فكرة أن من يريدون التغيير من رواد الإنترنت وعنكبوتيين، هذا غير صحيح»، لافتا إلى أنه يلتقى البسطاء والكثير من أبناء مصر، مستطردا: «ومع ذلك فأنا مع استخدام التكنولوجيا».